بوز سبورت || رسالة وداع روبرت إنكه .. سيناريو حزين في الذكرى الـ15 على رحيله
مر 15 عاماً على رحيل روبرت إنكي، حارس المرمى الرائع ، الرجل الذى فارق الحياة بسيناريو حزين لمس قلوب الآلاف حول العالم ،بعد صراعات عديدة مع الاكتئاب بسبب وفاة ابنته.
في عام 2009 اتصل الحارس الألماني روبرت انكه على الطبيب وقام بإلغاء موعده و في مساء الساعة السادسة، رمى بنفسه نحو سكة القطار
وترك رسالة مؤثره قبل الإنتحار : آسف لزوجتي وطبيبي لم يعد باستطاعتي تحمل ذلك
وقالت زوجته : روبرت حاول بكل ما يملك من قوة أن يخفي معاناته عن الجميع، وأن يُبقي هذا الجانب من حياته بعيدًا عن حياته المهنية والعامة، كان يعاني من الإكتئاب ولكنه كان يذهب للتدريب كل يوم.
توفي روبرت إنكه في 10 نوفمبر 2009 عن عمر يناهز 32 عامًا، عانى حارس مرمى هانوفر ومنتخب ألمانيا من الاكتئاب في مسيرته،أدى رحيل إنكه إلى تحول في طريقة التعامل مع الأمراض النفسية في الرياضة.
في مساء التاسع من نوفمبر 2009، دار الحديث في أوساط كرة القدم الألمانية حول بداية الموسم المخيبة للآمال لبايرن ميونخ، والمباراة الودية المنتظرة للمنتخب الوطني ضد تشيلي. لكن هذا تغير في اليوم التالي مباشرة. والسبب؛ خبر مروع قادم من إحدى ضواحي هانوفر.
انتحر حارس مرمى المنتخب الوطني روبرت إنكه، مما أطلق العنان لمزيج مؤلم من الصدمة والحزن والأسى. بالنسبة لأصدقاء إنكه وعائلته، كانت وفاته مأساة مروعة لا يمكن تصورها، وكذلك بالنسبة لناديه هانوفر، الذي لعب معه في مباراة بالدوري الألماني قبل رحيله عن الدنيا بيومين فقط.
أما المنتخب الوطني الألماني، فكان ذلك يعني أيضًا خسارة حارس مرمى موهوب منتظر أن يشارك في كأس العالم في جنوب إفريقيا عام 2010.
كما أدى انتحار إنكه إلى تغيير المواقف تجاه المرض النفسي في عالم الرياضة، وأدى إلى نهج جديد تمامًا للتعامل مع الاكتئاب في الرياضات المختلفة.
وفي نوفمبر الجاري حان موعد الذكرى الخامسة عشرة لوفاته المأساوية.
وُلِد إنكه في مدينة يينا في ألمانيا الشرقية يوم الرابع والعشرين من أغسطس 1977، كان ابنًا لعائلة تحب الرياضة، وبحلول سن الثامنة بدأ اللعب في فرق الشباب للنادي الذي حل وصيفًا لكأس الكؤوس الأوروبية 1980/81 كارل زايس يينا، وهو أكبر نادٍ في المنطقة.
سرعان ما اكتشف مدربو إنكه ردود أفعاله غير العادية بين القائمين. وبعد عشر سنوات، وفي سن الثامنة عشرة، اتخذ خطواته الأولى في كرة القدم الاحترافية، حيث ظهر لأول مرة مع جينا ضد أحد أنديته المستقبلية؛ هانوفر.
بحلول تلك اللحظة، كان حارس المرمى الواعد بالفعل لاعبًا دوليًا؛ حيث تألق في كل فرق الشباب الألمانية من مستوى تحت 15 عامًا وما فوق.
في نهاية موسم 1995-1996، انتقل إنكه إلى نادي بوروسيا مونشنغلادباخ في الدرجة الأولى، لكن حلم الصعود للفريق الأول بدا كابوسًا في البداية؛ إذ لم ينجح إنكه في الترقي ليصبح الحارس الأول إلا في موسمه الثالث مع الفريق، وكان أداءه إحدى النقاط المضيئة القليلة في موسم شهد هبوط النادي إلى الدرجة الثانية.
ومع ذلك، لم يمر أداء إنكه مرور الكرام، وفي عام 1999، وصل إلى العملاق البرتغالي بنفيكا، ورفض عروضًا من العديد من الأندية الأوروبية الكبرى الأخرى بسبب رغبته في هذه المحطة. كان هذا الانتقال منطقيًا بالنسبة لإنكه، ليس فقط من الناحية المالية، ولكن أيضًا على المستوى الشخصي، حيث كان مدرب بنفيكا مواطنه الألماني يوب هاينكس، الذي سرعان ما اختار إنكه قائدًا للفريق.
استمتع إنكه بأسعد فترة خلال مسيرته في لشبونة. قال هاينكس لاحقًا حول تصوره عن إنكه: “كان دائمًا يركز على الأشياء الأكثر أهمية، كما كان منفتحًا ومهذبًا، ودائمًا ما يبتسم بابتسامة مشرقة. لقد كان شخصًا رائعًا، ومحبوبًا للغاية في بنفيكا”.
إنكه كان طموحًا للغاية كذلك، وفي عام 2002، وفي سن الرابعة والعشرين، انتقل إلى برشلونة معتقدًا أنه وجد أخيرًا النادي الذي يستطيع النجاح فيه على مدى فترة طويلة.
ولكن المدرب لويس فان خال كان له رأي آخر، ووجد إنكه نفسه في دور الحارس البديل لصالح فيكتور فالديز.
وفي إحدى المباريات القليلة التي شارك فيها إنكه، سقط برشلونة خاسرًا بنتيجة 3-2 على يد فريق الدرجة الثالثة نوفيلدا في كأس ملك إسبانيا 2002-2003، وهي ضربة موجعة لآماله في الإطاحة بفالديز. وفي صيف عام 2003، انتقل الحارس الألماني على سبيل الإعارة إلى فنربخشة، ولكن فترة وجوده في تركيا كانت أيضاً قصيرة، حيث طلب بسرعة فسخ عقده.
بعد فترة إعارة قصيرة أخرى مع نادي تينرفي الإسباني، عاد إلى ألمانيا، ووقع عقدًا مع نادي هانوفر، وأحضر معه كلابه التسعة، وحصانين، وبالطبع زوجته تيريزا؛ التي كانت حاملًا في هذه اللحظة.
ولكن سرعان ما تلقت عائلة إنكه أنباء مدمرة، حيث تم تشخيص إصابة طفلتهم التي لم تولد بعد لارا بحالة قلبية خطيرة.
ولم يمض على وجوده في هانوفر سوى شهر واحد عندما ولدت لارا في عام 2004. الطفلة تلقت العلاج في عيادة متخصصة في المدينة، ولكنها توفيت بشكل مأساوي في سن الثانية، بعد معاناتها من مضاعفات إثر عملية جراحية.
وكان إنكه قد أثبت نفسه بحلول ذلك الوقت كحارس أساسي في هانوفر، كما قاده مستواه للاستدعاء إلى قائمة منتخب ألمانيا.
لكن المدرب يورغن كلينسمان كان يمتلك العديد من الأسماء فيما يتعلق بحراس المرمى، وفي النهاية اختار تيمو هيلدبراند كحارس مرمى ثالث، خلف ينس ليمان، وأوليفر كان، لكأس العالم 2006 في ألمانيا.
ربما لم يتم اختيار إنكه ضمن قائمة المنتخب، لكن زملائه من نجوم الدوري الألماني صوتوا له كأفضل حارس مرمى في العام، وهي الجائزة التي فاز بها لاحقًا في عام 2009.
ظهر لأول مرة على المستوى الدولي تحت قيادة يواخيم لوف في عام 2007، وساهمت عروضه، التي أبرزت ردود أفعاله المذهلة، بشكل كبير في ضمان إعادة هانوفر للبوندسليغا بعد الهبوط.
تم اختياره ضمن قائمة لوف لبطولة كأس الأمم الأوروبية 2008، وبعد اعتزال كان، وليمان، اعتبر الكثيرون إنكه الرجل الأكثر احتمالية ليكون حارس مرمى ألمانيا في كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا. كما تبنت عائلة إنكه طفلة تدعى ليلى في مايو 2009، وبدا كل شيء على ما يرام في عالم روبرت.
ولكن بعد ذلك حدثت المأساة. كان إنكه يعاني من الاكتئاب منذ وقت سابق من مسيرته، وفي نوفمبر 2009 جاء اليوم المشؤوم الذي ترك كرة القدم الألمانية في حالة لا توصف، حيث تكافح مشاعر تراوحت بين عدم التصديق والعجز.
كانت جنازته واحدة من أكبر الجنازات في تاريخ كرة القدم الألمانية، حيث حضر 40 ألف شخص مراسم دفن أحد أكثر أبناء الدوري الألماني المحبوبين في ملعب هانوفر، وشاهد الملايين الحدث على شاشة التلفزيون.
في مدونة لمؤسسة روبرت إنكه، كتب بير ميرتساكر، زميله السابق في فريق هانوفر، عن صديقه “روبي”، الرجل المعروف بشخصيته التي لا تشوبها شائبة عبارات مؤثرة.
لقد كتب ميرتساكر: “منذ البداية، جعلني أنا؛ الطفل الجديد في المنطقة، أشعر بالترحيب. لقد شجعني على اتباع شغفي، وذكرني بمدى جودتي، وهو شيء ربما لا يراه دائمًا شاب يبلغ من العمر 19 عامًا. لم يترك لي مجالاً للشك في أنه كان سعيدًا بمزاملتي. لا أعتقد أنك قد تتمنى تجربة أفضل في العمل، أياً كانت الوظيفة التي تقوم بها؛ لقد وضع ثقته فيّ”.
ترك إنكه أيضًا بصمته على اللاعبين الآخرين؛ الذين سيواصلون رحلتهم حتى تحقيق لقب كأس العالم في عام 2014.
انتهت مسيرته الدولية بسرعة كبيرة جدًا، ولم يفز سوى بثماني مباريات دولية مع ألمانيا، لكن كان لا يزال يمتلك ما يكفي من الوقت لتشجيع العديد من اللاعبين الشباب، ومساعدتهم على التغلب على الضغوطات.
كان أحد هؤلاء الشباب مانويل نوير، الذي كان مع إنكه في دورة اتحاد كرة القدم الألماني في عام 2007 وجولة ألمانيا في آسيا عام 2009.
في تلك الجولة، ظهر نوير لأول مرة على المستوى الدولي، وفي يونيو 2010، بعد سبعة أشهر فقط من رحيل إنكه، خطا نوير إلى أكبر مسرح دولي على الإطلاق؛ كأس العالم.
قال هاينكس لاحقًا: “كلما رأيت مانويل، أرى أيضًا روبرت”. هذه المقارنة مع نوير؛ الذي يعتبره الكثيرون أفضل حارس مرمى ألماني في التاريخ، توضح مدى التقدير الذي كان يحظى به إنكه في بلاده.
إن انتحار إنكه المأساوي ترك كثيرًا من الألم الذي سيظل يرافق قصته، ولكنه أوضح أيضًا أن عالم الرياضة كان عليه أن يجد طريقة جديدة للتعامل مع المرض النفسي.
قالت تيريزا: “يعلم الناس الآن أنه مرض وليس ضعفًا. لم يقتل روبرت نفسه، ولكن قتله المرض. والآن تتعامل وسائل الإعلام مع الأمر باعتباره أمرًا طبيعيًا إذا قال شخص ما إنه يعاني”.
من خلال مؤسسة روبرت إنكي، تواصل تيريزا إدارة حملات لتغيير النظرة، والوصمة المحيطة بالمرض النفسي. من المهم أن تطلب المساعدة، لأنه يمكن لمعظم الأشخاص الذين يعانون من المرض التعافي وعيش حياة سعيدة وصحية”.